آخر الأخبار

الاثنين، 1 يونيو 2015

مدارسة كتاب الصيام من بلوغ المرام


°°°°°°°°°°°مدارسة كتاب الصيام من بلوغ المرام°°°°°°°°°°°°°°°
الحديث
- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ ﷺ "لَا تَقَدَّمُوا رَمَضَانَ بِصَوْمِ يَوْمٍ وَلَا يَوْمَيْنِ, إِلَّا رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمًا, فَلْيَصُمْهُ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
غريب الحديث
قال الشيخ ابن عثيمين 
"( لا ) ناهية ، والخطاب لجميع الأمة
( رمضان ) أي الشهر
( رجلٌ ) بالرفع وهو الأفصح لأن ما قبله تامٌ منفي
( كان يصوم …. ) رجل كان يصوم صوماً فلا حرج عليه
و ( الرجل ) ليس مُخرجاً للمرأة ، لكن لمّا كان الرجال أشرف من النساء صارت خطابات الشرع دائماً متعلقة بالرجولية"
°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
درجة الحديث
رواه البخاري ( 1914 )، ومسلم ( 1082 ) واللفظ لمسلم.

°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°°
فوائد ومسائل الحديث
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله 
"1- فيؤخذ منه النهي عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين

* هل النهي للتحريم أو الكراهة ؟
قيل : للتحريم فلو صام قبل رمضان بيوم أو يومين كان عاصياً وصومه مردود عليه
وقيل : للكراهة ، فلو صام لا يأثم وصومه مقبول ، لكن في القلب شيء من قولنا ( مقبول ) ولو كان النهي للكراهة ، لأنه إذا كان للكراهة لم يُعدّ طاعة ، وكيف يكون مقبولاً وليس بطاعة؟
وكيف يمكن أن نقول إنه مقبول والنبي ﷺ يقول ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ّ ) 
فنحن نجزم بأن صومه مردود عليه لكن هل يأثم أو لا ؟ ينبني على التحريم أو الكراهة 
2- جواز الصوم بعد النصف من شعبان وقد ورد فيه نهيٌ وهو قوله ﷺ ( إذا انتصف شعبان فلا تصوموا ) ، لكن لم يقل أحد بأن النهي للتحريم في هذا الحديث ، لكن من صححه قال : إن النهي للكراهة ، ومن لم يصححه لم يعتبره شيئاً ، وهذا إذا لم يكن يصوم شعبان كله فإن كان يصوم شعبان كله فلا بأس ولو كان يصوم بعد منتصف الشهر 
3- حماية حدود الشريعة ، لأن النهي عن الصوم قبل رمضان بيوم أو يومين لئلا يتجرأ أحدٌ فيقول : سأصوم احتياطاً ! فإن هذا من تعدي الحدود ، فكيف تحتاط في أمرٍ حدده الله عز وجل بقوله ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ )(البقرة: من الآية185)
4- فيه دليل على القول الراجح في صوم يوم الغيم ليلة الثلاثين من شعبان فإن العلماء مختلفون في هذا ، وسيأتي بيانه 
5- إذا وُجد سببٌ ظاهر ينفي ما قصد الشرع فإنه يزول النهي لقوله ( يصوم صوماً ) لأنه إذا كان يصوم صوماً زال احتمال أن يكون صام على سبيل الاحتياط ، ونظيره من بعض الوجوه النهي عن الصلاة وقت النهي فإذا كان لها سبب زال النهي لأنه يزول المحذور الذي نهى الشارع عن الصلاة من أجله في هذه الأوقات 
من كان من عادته أن يصوم شيئاً فلا ينهى عن الصيام المتقدم كأن يكون من عادته صيام الإثنين والخميس أو صوم ثلاثة أيام من كل شهر، أو ينذر صوماً عند قدوم فلان فيصادف قدومه آخر شعبان ، أو يكون قضاء من رمضان الماضي ، أو يكون من عادته صيام يوم وإفطار يوم ... "
________________________________
مسألة
الجمع بين أحاديث صوم معظم شعبان والنهي عن صوم النصف الثاني منه

قال الشيخ محمد علي فركوس "فقد ثبت من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: «لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ شَهْرًا أَكْثرَ مِنْ شَعْبَانَ، وَكَانَ يَصُومُ شَعْبَانَ كُلَّهُ»(١)، وعن أُمِّ سلمة رضي الله عنها قالت: «كَانَ لاَ يَصُوم فِي السَّنَةِ شَهْرًا تَامًّا إِلاَّ شَعْبَانَ يَصِلُهُ بِرَمَضَانَ»(٢).
ويُحمَل صيام الشهر كُلِّه على معظمه؛ لأنَّ «الأَكْثَرَ يَقُومُ مَقَامَ الكُلِّ»، وإن كان اللفظ مجازًا قليلَ الاستعمال والأصلُ الحقيقة، إلاَّ أنَّ الصارف عنها إلى المعنى المجازيِّ هو ما ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ إِلاَّ رَمَضَانَ، وَمَا رَأَيْتُهُ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِي شَعْبَانَ»(٣). وعنها رضي الله عنها قالت: «وَلاَ صَامَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ مُنْذُ قَدِمَ المَدِينَةَ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٤)، ويؤيِّده حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: «مَا صَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهْرًا كَامِلاً قَطُّ غَيْرَ رَمَضَانَ»(٥).
والحكمة في إكثاره صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من صوم شعبان؛ لأنه شهرٌ تُرفع فيه الأعمال إلى الله تعالى وكان النبيُّ صَلَّى الله عليه وآله وسلَّم يحب أن يُرفع عملُه وهو صائمٌ، كما ثبت من حديث أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما قال: قلت: يا رسول الله: لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ؟ قال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ، وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ العَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ»(٦).
ولا يُمنع أن تكون أيَّام التطوُّع التي اشتغل عن صيامها لسفرٍ أو لعارضٍ أو لمانعٍ اجتمعت عليه فيقضي صومَها في شعبان رجاءَ رفع عمله وهو صائمٌ، وقد يجد الصائم في شعبان -بعد اعتياده- حلاوةَ الصيام ولذَّتَه، فيدخل في صيام رمضان بقوَّةٍ ونشاطٍ، وتكون النفس قد ارتاضت على طاعة الرحمن(٧).
هذا، وينتفي التعارض بالجمع بين الأحاديث الدالَّة على مشروعية صوم معظم شعبان واستحبابه وما جاء من النهي عن صوم نصف شعبان الثاني في حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا: «إِذَا انْتَصَفَ شَعْبَانُ فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى يَكُونَ رَمَضَانُ»(٨)، وكذلك النهي عن تقدُّم رمضان بصوم يومٍ أو يومين في قوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «لاَ يَتَقَدَّمَنَّ أَحَدُكُمْ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ وَلاَ يَوْمَيْنِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَهُ فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْمَ»(٩).
فيُدفع التعارض بما ورد من الاستثناء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه بقوله: «إِلاَّ أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ كَانَ يَصُومُ صَوْمَه فَلْيَصُمْ ذَلكَ اليَوْمَ»، أي: إلاَّ أن يوافق صومًا معتادًا(١٠)، كمن اعتاد صوم التطوُّع: كصوم الإثنين والخميس، أو صيامِ داود: يصوم يومًا ويفطر يومًا، أو صومِ ثلاثة أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ، وعليه فإنَّ النهي يُحمل على من لم يُدخل تلك الأيَّام في صيامٍ اعتاده(١١)، أي: من صيام التطوُّع.
ويُلحق بهذا المعنى: القضاءُ والكفَّارة والنذر، سواءً كان مطلقًا أو مقيَّدًا إلحاقًا أولويًّا لوجوبها؛ ذلك لأنَّ الأدلَّة قطعيةٌ على وجوب القضاء والكفَّارة والوفاء بالنذر، وقد تقرَّر-أصوليًا- أنَّ القطعيَّ لا يُبطِلُ الظنيَّ ولا يعارضه(١٢).
--------------------------------------
(١) أخرجه البخاري في «الصوم» باب صوم شعبان (١/ ٤٧١)، ومسلم في «الصيام» (١/ ٥١٣) رقم: (١١٥٦)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٢) أخرجه أبو داود في «الصوم» باب فيمن يَصِلُ شعبان برمضان (٢/ ٥٢١)، والترمذي في «الصوم» باب وصال شعبان برمضان (٧٣٦)، وأحمد (٦/ ٣١١)، من حديث أمِّ سلمة رضي الله عنها. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح أبي داود» (٢٣٣٦).
(٣) أخرجه البخاري في «الصوم» باب صوم شعبان (١/ ٤٧١)، ومسلم في «الصيام» (١/ ٥١٣) رقم: (١١٥٦)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٤) أخرجه مسلم في «الصيام» (١/ ٥١٣) رقم: (١١٥٦)، والنسائي في «الصيام» (٢٣٤٩)، من حديث عائشة رضي الله عنها.
(٥) أخرجه البخاري في «الصوم» باب ما يُذكر من صوم النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وإفطاره (١/ ٤٧١)، ومسلم في «الصيام» (١/ ٥١٣) رقم: (١١٥٧)، من حديث ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما.
(٦) أخرجه النسائي في «الصيام» باب صوم النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم (٢٣٥٧)، وأحمد (٥/ ٢٠١)، من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما. والحديث حسَّنه الألباني في «الإرواء» (٤/ ١٠٣).
(٧) انظر: «لطائف المعارف» لابن رجب (١٣٥).
(٨) أخرجه أبو داود في «الصوم» بابٌ في كراهية ذلك (٢/ ٥٢١)، والترمذي في «الصوم» باب ما جاء في كراهية الصوم في النصف الثاني من شعبان لحال رمضان (٧٣٨)، وابن ماجه في «الصيام» باب ما جاء في النهي أن يتقدَّم رمضان بصومٍ إلاَّ من صام صومًا فوافقه (١٦٥١)، وأحمد (٢/ ٤٤٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. والحديث صحَّحه الألباني في «صحيح الجامع» (٣٩٧).
(٩) أخرجه البخاري في «الصوم» باب لا يتقدَّم رمضان بصوم يومٍ ولا يومين (١/ ٤٥٧)، ومسلم في «الصيام» (١/ ٤٨٣)، رقم: (١٠٨٢)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(١٠) انظر: «المجموع» للنووي (٦/ ٤٠٠).
(١١) انظر: «فتح الباري» لابن حجر (٤/ ٢١٥)، و«سبل السلام» للصنعاني (٢/ ٣٤٩).
(١٢) انظر عدم تعارُض القطعي مع الظنِّي في: «شرح الممتع» للشيرازي (٢/ ٩٥١٩٥٠)، «الفقيه والمتفقِّه» للخطيب البغدادي (١/ ٢١٥)، «المنهاج» للباجي (١٢٠)، «شرح تنقيح الفصول» للقرافي (٤٢١).
اقرأ المزيد ...
تعريب وتطوير ( كن مدون ) Designed By